عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ... فيقولون ادعوا ربكم فلا احد خير من ربكم فيقولون : (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ) فيجيبهم : (قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ ..)(١) وقد تعني «عدنا» عودا إلى التكذيب وعودا إلى حياة الحساب بنفس الحالة ، وعودا إلى الجحيم بنفس التصميم.
وي كأنهم لم يكونوا من قبل ظالمين في غلب الشقوة والضلالة ، وان الله أدخلهم النار دون ظلم منهم! ولذلك الهراء القاحل ، والاعتذار الجاهل يستحقون خطاب الكلاب :
(قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) ١٠٨.
(اخْسَؤُا فِيها) خسأ الكلاب ـ وهم أضل سبيلا من الكلاب ـ (وَلا تُكَلِّمُونِ) فذلك إذا آخر المجال لكلامهم المستغيث فيظلون خرسا
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ١٦ ـ اخرج ابن أبي شيبة والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي الدرداء قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يلقى على اهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون بالطعام فيغاثوا بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع ، فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة فيذكرون انهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالشراب ، فيستغيثون بالشراب فيرفع إليهم الحميم بكلابيب الحديد فإذا دنا من وجوههم شوت وجوههم وإذا دخلت بطونهم قطعت ما في بطونهم فيقولون ادعوا خزنة جهنم فيدعون خزنة جهنم ان ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب فيقولون : او لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قال فادعوا وما دعاء الكافرين الا في ضلال فيقولون ادعوا مالكا فيدعون مالكا فيقولون يا مالك ليقض علينا ربك فيجيبهم انكم ماكثون فيقولون ادعوا ربكم ...