مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(٣١).
يبدو أنها أولى آيات الحجاب نزلت بالمدينة المنورة بعد ما ذاق البعض من المبتلين بالنظر وبال أمرهم (١) واختصاص الأمر بالأمر (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ) بالمؤمنين لا يعنى انحصار وجوب الغض بهم وانحساره عن سواهم ، بل لأنهم هم المتأثرون فعلا عن أمر الله حيث آمنوا بالله ، وسواهم مأمورون بالفروع كما هم مأمورون بالأصول ، هنا بالفعل وهناك بالشأن.
(يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ...) فرضان مشتركان بين
__________________
(١) روضة المتقين ٨ : ٣٥٢ روى الكليني في الموثق كالصحيح عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن فنظر إليها وهي مقبلة فلما جازت نظر إليها ودخل في زقاق قد سماه ببني فلان فجعل ينظر خلفها واعترض وجهه عظم في الحائط او زجاجة فشق وجهه فلما مضت المرأة فإذا الدماء تسيل على صدره وثوبه فقال والله لآتين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولأخبرنه قال : فأتاه (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له : ما هذه؟ فأخبره فهبط جبرئيل بهذه الآية (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ...)
وفي الدر المنثور اخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال مر رجل على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في طريق من طرقات المدينة فنظر إلى امرأة ونظرت إليه فوسوس لهما الشيطان انه لم ينظر أحدهما إلى الآخر إلّا إعجابا به فبينا الرجل يمشي إلى جنب حائط ينظر إليها إذ استقبله الحائط فشق انفه فقال والله لا اغسل الدم حتى آتي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاعلمه امري فأتاه فقص عليه قصته فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا عقوبة ذنبك وأنزل الله هذه الآية.