المؤمنين والمؤمنات ثم عليهن فروض ومحرمات أخرى ليست عليهم ، فما ذا تعني (يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ... يَغْضُضْنَ ... وَيَحْفَظْنَ)؟
«من» هنا ليس للتعدية حيث الغض متعد بنفسه : (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ...) (٤٩ : ٣).
أترى هي زائدة؟ وهي قولة زائدة! إذ لا زائدة في القرآن إلّا كسنة أدبية جميلة ، وهي مطردة كالزائدة في خبر «ليس» وليس الغض كليس!.
أم لابتداء الغاية؟ وهو يتطلب انتهاء لها وأين هي هنا!
أم للجنس غضا لجنس الأبصار؟ والجنس لا يغض اللهم إلّا أفراده! والعموم مستفاد من «المؤمنين وأبصارهم» دون حاجة إلى عنايته من الجنس!.
أم للتبعيض؟ وماذا يعني غض بعض الأبصار! حيث البصر إما مفتوح أو مغضوض ولا عوان بين ذلك!
إن الغض هو الخفض والنقصان ، فقد يكون تمام النقص ك (الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ) (٤٩ : ٣) فلا يتكلمون إلّا همسا لا صوت له ، وقد يكون بعضه ك (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) (٣١ : ١٩) لا برفعه عاليا يزعج الآخرين ، والغض من الأبصار كالثاني ، فهل هو بألا يحدق البصر إلى ما لا يحلّ إليه النظر ، فأمّا اللمحة واللمحات فلا بأس؟ وهذا لا يصح بالنسبة للعورات ، حيث اللّمحة إليها ممنوعة كما النظرة! أو بأن يقتسم نظر البصر إلى محظور ومسموح ، فلا يغضه عن كل منظور ، ولا يفتحه إلى كل منظور ، بل غضّ بكامله عن العورات ، ومن ثم غضّ منه عن نظرة الشهوة إلى غير العورات ، ثم لا محظور في الزاوية الثالثة. تنظر إلى وجه امرأة وتنظر هي إلى وجهك دونما تقصّد شهوة ولا ريبة.