ولان البصر هو العين التي تبصر ، فالغض من البصر لا من العين قد يشمل الغضين ، غمضا عن المنظور إطلاقا كالعورات ولواحقها ، وغمضا عن نظرة الريبة والشهوة ، وغضا دون إحداق حيث يرى دون شهوة إلى وجوه النساء ، فهنالك للعين إحداق وغض وإطباق ولكلّ مجال ، واقتسام النظر إلى هذه الثلاث غض لنظراتك ككل ، وكسره عن النظرة المريبة غض ، وغمضه عن العورات غض. ووجه ثان أن مفعول الغض محذوف معروف من «فروجهم وفروجهن» فليغضوا الفروج من أبصارهم غضا كاملا ، ومهما كانت الفروج هي المعلومة من موضوع (يَغُضُّوا ... وَيَحْفَظُوا) فعلى كل مؤمن ومؤمنة أن يغض من بصره نظرا إلى فروج الآخرين ، وأن يغض فروجهم من بصره ، كما عليه أن يحفظ فرجه عن نظر الآخرين فضلا عن لمسهم وفعلهم ، وأما غض النظر عن غير الفروج فلا دلالة في الغض من الفرج وحفظه عليه.
ولان الآية لا تذكر موارد الغض من الأبصار إلّا فروجهم وفروجهن ، فهي القدر المعلوم من الغض المأمور به هنا وهناك ، أن يغضوا من أبصارهم نظرا إلى عورات الرجال والنساء ، وأن يغضضن من أبصارهن كذلك نظرا إلى عورات الرجال والنساء ، وأن يحفظوا فروجهم ويحفظن فروجهن عن أن ينظر إليها ، سياجا وسترا ذا بعدين عن النظر إلى العورات (١) وقد فسر حفظ الفرج هنا بأنه عن
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٥٨٩ ح ٩٤ من لا يحضره الفقيه قال امير المؤمنين (عليها السلام) في وصية لابنه محمد ابن الحنفية «وفرض على البصر ان لا ينظر إلى ما حرم الله عز وجل عليه فقال عز من قائل (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ ...) محرم ان ينظر احد إلى فرج غيره ، وفيه ح ٩١ عن اصول الكافي في حديث طويل عن أبي عبد الله (ع) فقال تبارك وتعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) فنهاهم ان ينظروا إلى عوراتهم وان ينظر المرء الى فرج أخيه (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَ)