وحفظ الفرج من النظر ، ثم الحفاظ على سائر الزينة هو محاولة ثانية لسد الطريق على ذلك السهم المسموم ، و «ذلك» الحفاظ في بعدية (أَزْكى لَهُمْ) رجالا ونساء (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ).
(وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) والزينة في بعديها لزام الأنوثة تكوينا وتشريعا ، فهي محللة للمرأة تلبية لفطرتها في حاجتها إلى التجمل وتجلية للرجال ، ولكن لمن؟ لرجلها كزوجة له ، ولمحارمها كمحارم كل على حده ، لحد لا يثير شهواتهم إلّا رجلها فإنها ممدوحة له ، وممدوحة له ولهم كما يناسبها ويناسبهم ، ممنوعة للأغارب (إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) كما بينّا.
(وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ) فالجيب هو فتحة الصدر حيث كانت بادئة مفتوحة قبل كمال الحجاب ، ولكي لا تفتح صدورهن إلى صدورهم منافذ الشهوة ، أمرن بسدها «بخمرهن» ضربا (عَلى جُيُوبِهِنَّ).
وذلك التحشّم من أفضل الوسائل الوقائية عن تجشّم العلاقة الجنسية الهرجة المرجة ، يفرض في المجالات الخطرة ككل ، ثم يستثنى في المحارم حيث لا تتجه ميولهم ولا تثور شهواتهم.
(وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ...).
أترى «زينتهن» تشمل كل البدن بما عليها من زينة ظاهرة؟ فكيف يجوز إبدائها كلها حتى العورة لغير البعولة مثلهم على سواء؟ أو أنها تخص غير العورة إذ ليست هي من الزينة ، بل هي سوءة للناظر مهما كانت محور الشهوة للفاعل ، فالعورات كلها خارجة عن الزينة في الرجال وفي النساء ، وسنة إبداء الزينة في الجاهلية لم تكن تشمل عورات النساء وحتى الزانيات منهن ، وإنما سائر البدن ، ف «زينتهن» لا تعني فيما تعني