أترى أن توصيفة ب «نور» يجعله كسائر النور؟ وتوصيفه بالوجود لا يجعله كسائر الوجود كما توصيفه بأنه شيء لا يجعله كسائر الأشياء! فالله باين الأشياء بينونة ذات وأفعال وصفات (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) مهما تشابها في تحبير اللغات «لا هو في خلقه ولا خلقه فيه ـ لا هو من خلقه ولا خلقه منه» : تباعض الذات أو الصفات! فإنما إبداع وخلق لا من شيء ، أو من شيء خلقه وأبدعه ، لا من شيء ذاته فإنه ولادة ، ولا من غيره إذ لا خالق غيره!
هنالك بون بيّن بين (اللهُ نُورُ) و «النور الله» فالأول يعني حقيقة النور التي لا ظلام فيه ولا حدّ ولا حدود ، أزلي ، أبدي ، سرمدي ، غني ، بينه وبين سائر النور أبعد من البون بين سائر الظلمة والنور!
ولكنما الثاني قد يعني ان كلّ نور هو الله ، وحدة حقيقة النور بمراتبها كوحدة حقيقة الوجود! والآية هي الأول : (اللهُ نُورُ) لا كل نور ، وإنما النور الإلهي الذي لا مثيل له ، مهما كان له مثل في صفات غير ذاتية وأفعال!
ولأن النور هو الظاهر بذاته المظهر لغيره ، وهو بين مطلق ومحدود ، سرمدي وسواه ، غني وسواه ، ما يناسب الله وما لا يناسب إلّا سواه ، فمما يعنيه (اللهُ نُورُ) : أنه ظاهر بذاته رغم خفاءه ، ومظهر لغيره في أيّ من مراحل الظهور.
أترى بعد أنها صفة ذاتية له سبحانه كمثلث الصفات؟ وهو قبل غيره لم يكن إلّا ظاهرا لذاته لا مظهرا ولا مظهرا لغيره ، فلمن يظهر غيره قبل خلقه؟ ألنفسه؟ وكل شيء ظاهر له في العلم دون إظهار! أم لغيره؟ وقد كان الله ولم يكن معه شيء! فإنما الإظهار بالخلق فظهور له لا بذاته كما