وحيث الأنوار الدلالية في هداية الخلق تختلف بين خليطة بظلمة وخليصة عنها هي نور الأنوار ، هنا الله يضرب مثلا من نور هدايته ليس نورا على ظلمة ، بل هو (نُورٌ عَلى نُورٍ) ليس فيها ظلمة ، حجة من الله في الدلالة التامة التي لا قصور فيها ولا نقصان يعتريها!
وكما لله أمثال في الكون ، والكون كله أمثاله وآياته ، دون مثل واحد ، كذلك له أمثال في نور هداه ، وهم الدعاة المعصومون ـ إليه ، فلما ذا (مَثَلُ نُورِهِ) لا أمثال نوره؟
لأنه يعني هنا المثل الأعلى لنوره وهو الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فانه يجمع كافة الأمثال النورانية فهو النبيون أجمع ، وكافة الأمثال النورانية الإلهية مندكة في ذلك المثل الأمثل ، فلذلك (مَثَلُ نُورِهِ) لا «أمثال نوره» كما (لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى) لا «الأمثال العليا» فالكون كله أمثاله تعالى ولكنما العليا هو الرسول محمد الذي فاق العالمين في حمل الهدى الإلهية كما يمكن ويجب!
(مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ...)
و «نوره» في مثلث من الأنوار متتالية متعالية ، فمحمد هو نور الأنوار (١) وعترته المعصومون ويتلوهم النبيون أجمع ، ومن ثم المؤمنون (٢).
__________________
ـ قلب عبد حتى يسلم لنا ويكون سلما لنا فإذا كان سلما لنا سلمه الله من شديد الحساب وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر.
(١) نور الثقلين ٣. ٦٠٣ ح ١٧٣ عن الصادق (عليه السلام) قال : مثل نوره : محمد.
(٢) المصدر ح ١٧٩ عن الباقر (عليه السلام) مثل نوره «مثل هداه في قلب المؤمن ...».