(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (٣٦) رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ)(٣٧).
أترى بماذا تتعلق «في بيوت» ظرفا؟ هل (اللهُ نُورُ)؟ وهو نور السماوات والأرض دون اختصاص ببيوت! وإن ذاته النور وصفات ذاته النور لا تحويها السماوات والأرض فضلا عن بيوت! علّه (مَثَلُ نُورِهِ) و «كمشكوة» و (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) و (نُورٌ عَلى نُورٍ) و (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) و (يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ) و (اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فكل من هذه السبع تصلح متعلقا به لذلك الظرف الظريف!
فمثل نوره في بيوت ، كمشكوة في بيوت ، يكاد زيتها يضيء في بيوت ، نور على نور في بيوت ، يهدي الله لنوره من يشاء في بيوت ، ويضرب الله الأمثال للناس في بيوت ، والله بكل شيء عليم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ...! (١)
وما هي هذه البيوت؟ أهي بيوت الله؟ وهي دون شرعة الله وهدايته ليست لترفع ويذكر فيها اسمه ، وإن كان المسجد الحرام ، إذ كان مجال المشركين ، رجال تلهيهم كل شهوة فضلا عن تجارة أو بيع عن ذكر الله!
أم هي بيوت الرسالات الإلهية وفي قمتها وقلبها بيت الرسالة المحمدية حيث تحوي الأنوار الأربعة عشر؟ أجل! فبيوت الله إنما تعمّر وترفع ويذكر فيها اسمه ببيوت الرسالات ، فهي أفضل من المساجد ، حيث الشرعة الإلهية تصدر من تلكم البيوت إلى المساجد وسواها ، فبيت
__________________
(١) تلخيص مع تحرير عما حققه (هنشو) المكتوب عنه في مجلة (هاربر) الاميريكية ١٩٣٦ وكما نشرت في مجلات اخرى ايضا.