من الشمس في رايعة النهار؟ إن مشكاة كهذه لا وجود لها في الكون إلّا مثالها في الهدى ، فأين الزجاجة التي كأنها كوكب دري؟ وأين الزيت الذي يكاد يضيء ولو لم تمسسه نار؟
ثم و «يوقد» المضارعة توحي باستمرارية الإيقاد ، ولا استمرار لوقود الشمس ولا اي سراج! و «يكاد» موحية باستمرارية هذه الحالة المشرقة الذاتية ، ولا ضوء لأي زيت فضلا عن أن «يكاد» بالاستمرار ، والممثل له هو زيت الزيتونة ، أهل بيت الرسالة المحمدية ، بقلوبهم المنيرة بنور العصمة البشرية لحد استطلبت العصمة الإلهية القمة ، فأولاها الزيت الذي يكاد يضيء ، وثانيتها نارها (نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ)!
وكما الممثّل له هنا منقطع النظير ، كذلك المثال إلّا في البعض من أمثاله «مشكوة ـ مصباح ـ زجاجة ـ زيت» ولكن أين مشكاة من مشكاة ، ومصباح من مصابيح ، وزجاجة من زجاجة ، وزيت من زيت؟ لذلك لا نجد لمثل نورهم مثالا خلق بجنبهم ، اللهم إلّا تصويرا لهذه بتحوير.
ومن التأويل لذلك المثل ما يروى عن أمير المؤمنين تطبيقا له بأهل بيت الرسالة المحمدية (صلى الله عليه وآله وسلم) (١) انهم الأنوار الاربعة
__________________
(١) عن جابر بن عبد الله الانصاري قال دخلت مسجد الكوفة ورأيت عليا (عليه السلام) يكتب بإصبعه متبسما ، قلت : ما يضحكك يا مولاي؟ قال : تعجبا ممن يتلو هذه الآية وهو يجهل الحقيقة التي تحويها ، قلت : ما هي؟ قال (عليه السلام): (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) ف «مشكوة» محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (فِيها مِصْباحٌ) انا في زجاجة (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ) الحسنان (كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) علي بن الحسين (عليه السلام) (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) محمد بن علي (عليه السلام) «زيتونة» جعفر بن محمد (عليه السلام) «لا شرقية» موسى بن جعفر (عليه السلام) (وَلا غَرْبِيَّةٍ) علي بن موسى (عليه السلام) (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) محمد بن ـ