صلواتنا في جماعات ، نحن نعبد ربنا في صلوات ثابتات وأحيانا في تسبيحات وتحميدات بحركات دورانية دورية كالطواف أم بيضوية كالسعي أماذا.
والطير صافات في صفوف متحركة جوية تسبح ربها وتصلي في مختلف السرعة ، أسرعها فيما نعرف حتى الآن حشرة (سفنوميا) وهي في أمريكا الجنوبية والشمالية وبعض أنحاء أوروبا ، فهي تقطع في الساعة ٨١٥ ميلا ، فإن جناحيها يدوران كل ثانية بضع آلاف المرات ... لو أتيح للإنسان يطير مثل هذه الحشرة لحلّق الكرة الأرضية في (١٧) ساعة!(١).
وقد تعني في دلالة بدلية طولية كل من بإمكانه أن يرى كما يسطع وأقله تسبيح التكوين تدليلا على خالق ، ثم تسبيح الشعور بما أوحاه كما في آية الأسرى ، ومن ثم تسبيح التكليف ، وكل تلو الآخر مزيد لنور المعرفة الإلهية ، ولا يحرم أي عاقل مكلف من رؤية مّا لتسبيح مّا للكون الذي يراه قدر ما يراه.
تسبيح الكون كله تدليلا على خالق سبحان هو نور في الكون كله (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) وتسبيح الشعور وشعور كل تسبيح هما من نور الوحي : (نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ)!
فهنالك رؤية شاملة لتسبيح الكون قبل الوحي ، تشمل كل عاقل ، ورؤية بالوحي كما في آية الإسراء ، ورؤية مع الوحي كما للرسل ، وكذلك كان أوّل العابدين ، إذا مشى سمع تسبيح الحصى تحت قدميه ، ومعه داود ومن معه يرتل مزاميره فتؤوب معه الجبال والطير! ثم (وَاللهُ عَلِيمٌ بِما
__________________
(١) كشفها (تشارلس تونسند) البحاثة الاميركي الشهير كما في تفسير الجواهر ج ١٢ : ٣٤.