سواء؟ ولم تسبق خلافة إيمانية عالمية قبلهم! إنه لا يعني إلّا أصل الخلافة دون قدرها ، فكما كان للذين آمنوا وعملوا الصالحات من قبلهم دور الخلافة الايمانية ، كذلك تكون لهم ، وأين خلافة من خلافة؟
(وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ) دينهم المرتضى لهم هو الإسلام : (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (٥ : ٦) وتمكين الدين لا نراه إلّا هنا دون سائر القرآن لسائر الأمم ، فدين الله كله تام مكين ولكنما التمكين يعني تثبيته دون تزعزع ، لا في أصله نسخا او تحريفا ، ولا في سلطته وتطبيقه ، فمن مخلفات ذلك الاستخلاف للذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ، تمكين دينهم المرتضى لهم ليحكموا به صارما قاطعا ثابتا لا يتخلف ولا يتخلف عنه.
وكما مطلق الاستخلاف في الأرض يقتضي الاستخلاف المطلق دون سلطة أخرى أمامه ، كذلك تمكين الدين ، لحد لا يبقى سواه دين ، وكما وعده الرسول الأمين : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (٩ : ٣٣) و (٦١ : ٩) (... وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (٤٨ : ٢٨) فعند ذلك ترتفع فتنة الاختلاف في الدين وكل فتنة ولكنه بحاجة إلى جهاد ودفاع صارم ومقاتلة دائمة : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) (٨ : ٣٩) وعند ذلك يكون (لَهُ الدِّينُ واصِباً) (١٦ : ٥٢) (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) (٣٩ : ٣) وهنالك يقام الدين دون تفرّق عنه ولا فيه : (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (٤٣ : ١٣).
٣ (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) أمن صارم بعد خوف عارم ، وتقية دائمة طول الرسالات الإلهية ، فبعد خوف دائب على دين الله والديّنين ، داخل المجموعة المؤمنة من جهل او فسق أو نفاق وأي خلاف وتخلف هو