٣ ـ (وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ) بعد ما صليتم المغرب وتعشّيتم وتحضّرتم للنومة ، وهذه لمحة لفصل بين المغرب والعشاء ، فلو كانت السنة الجمع بينهما ، أو هو مسموح في غير عسر أو حرج ، لم تكن عورة النومة بعد العشاء ، ثم العشاء لا تصدق بعد المغرب دون فصل ، ولأن (مِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ) لا عورة إلا للنومة ، ولا ينام الأكثرية الساحقة إلّا بعد ساعات مضت من الليل يقضون فيها حاجاتهم الليلية قبل النوم ، إذا فالسنة المتّبعة هي تأخير العشاء إلى ما قبل النوم مهما لم يجب إلّا أصل الفصل قدر ما تصدق العشاء وكما يروى عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله : لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى نصف الليل ، إذا فالفصل بين كل صلاتين من الظهرين والعشائين ضابطة ثابتة حسب القرآن والسنة إلّا عند الضرورة أم أية عاذرة أم دون عذر على كراهية ، اللهم إلا في جماعة فإنما فضلها أكثر من الفصل كما في روايات عدة.
ومن حكم الفصل أن الصلوات الخمس هي أركان الذكر ، فلتوزّع على أركان الأوقات المفصولة بعضها عن بعض ، حتى يطم ذكر الله في
__________________
ـ التهذيب الفضيل وزرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن زرارة عن أبي عبد الله مثله باضافة قوله (عليه السلام) وإنما فعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليتسع الوقت على أمته ، وعن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلى الظهر والعصر مكانه من غير علة ولا سبب فقال له عمر وكان أجرء القوم عليه : أحدث في الصلوة شيء؟ قال : لا ولكن أردت أن أوسّع على أمتي ، وعن ابن عباس قال جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بين الظهر والعصر من غير خوف ولا سفر فقال أراد ألا يحرّج على أحد من أمته ، وفي آخر أراد التوسع لامته ، أقول : وقد تواتر الجمع هكذا عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) معللا ودون تعليل ، وكلها تدل على سنة الفصل المتعوّدة زمنه ، وإنما جمع أحيانا تدليلا على أصل الجواز بعلة ودون علة.