وشاهد الحال يدل على عدم الرضا ، فحذار حذار عن هكذا أكل لأموال الناس بالباطل رغم الإذن وليس فيه رضى! ف «لا يحل أكل مال امرء مسلم إلا عن طيبة نفسه» أن تحرزها بأية وسيلة ، اللهم إلّا في هذه البيوت الإحدى عشر فيكفي لحلّه عدم العلم برضى وسواها!
(فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(٦١).
آية سالفة في أدب لدخول بيوت أمرت بالاستيناس مع أهلها وسلام عليهم (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) أدبا قبل الدخول.
وهذه تأمرنا بسلام على أنفسنا بعد الدخول في كل بيت مسموح الدخول ، وهذه البيوت أعم من تلك ، إذ تشمل بيوتكم أنفسكم ، كان فيها أهلوكم أم لم يكونوا ، كما تشمل سائر البيوت من الإحدى عشر أم سواها ، بيوت المسلمين أم سواهم ، فالصيغة الجامعة للسلام فيها (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) فالبيوت هنا غيرها هناك ، وسلامها غيره هناك.
هنا (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) بدل «أهلها» هناك ، و «أنفسكم» تعم أنفسكم إن لم يكن فيها أهل ولا أهلوكم ، وكذلك أهليكم ان كانوا فيها فإنهم من أنفسكم ، وكذلك الإحدى عشر فهم في رتبة ثالثة من «أنفسكم» ثم وسائر المسلمين في رابعة هم «من أنفسكم» فإنما المؤمنون إخوة ، بعضهم من بعض ، ثم إذا كان فيها من لا يستحق السلام فسلام على أنفسكم كالاوّل (١) مهما اختلفت صيغ السلام في «علينا وعليكم».
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٦٠ عن أبي مالك إذا دخلت بيتا فيه ناس من المسلمين فسلم عليهم وان لم يكن فيه احد او كان فيه ناس من المشركين فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.