تقول الصديقة فاطمة الزهراء سلام الله عليها : «لما نزلت (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ ...) هبت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن أقول له : يا أبه! فكنت أقول : يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! فأعرض عني مرة أو ثنتين أو ثلاثا ثم أقبل علي فقال : يا فاطمة! إنها لم تنزل فيك ولا في أهلك ولا في نسلك أنت مني وأنا منك ، إنما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش ، أصحاب البذخ والكبر ، قولي : يا أبه! فانها أحيى للقلب وأرضى للرب (١) لقد كانت هناك تسللات عن أمره وتستمر ، و (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً) وسلّ الشيء من الشيء نزعه بلطف واحتيال بحيث يخفى ، فالتسلل هو التكلف في ذلك ، واللواذ هو الملاوذة الاستتار التجاء بالغير ، فالمتسللون لواذا هم المنتزعون عن أمر جامع أمّاذا من أمر ، في تستر والتجاء باي ملجأ في انستارهم ، ويكأن الله لا يعلم تسلّلهم!
فقد كان المنافقون يتسللون لواذا عن كل أمر جامع يستصعبون المقام عليه من جامع الجهاد إلى جامع الجمعة وإلى أي جامع ، «فكان منهم من
__________________
(١) المصدر ح ٢٦٥ في كتاب المناقب القاضي ابو محمد الكرخي في كتابه عن الصادق (عليه السلام) قالت فاطمة (عليه السلام) ... أقول : انه (صلى الله عليه وآله وسلم) يعني هذا الشأن من نزولها لا كل شأن لنزولها وأظهرها دعاءه إياهم ، فهذا تفسير بمصداق خفي يخفى على الأكثرين كدعائه عليهم ، والمقصود من «أهلك ونسلك» هم الائمة المعصومون الاثنى عشر ، أولهم أهلها والباقون نسلها ، فلانهم من رسول الله كما هي نفسها ، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم فليخاطبوه : يا ابه ـ او أبي او جدي ، وفي الدر المنثور ٥ : ٦١ عن ابن عباس في الآية قال : كانوا يقولون يا محمد يا أبا القاسم فنهاهم الله عن ذلك إعظاما لنبيه فقالوا : يا نبي الله يا رسول الله ، وأخرجه مثله عن مجاهد قال : أمرهم الله ان يدعوه يا رسول الله في لين وتواضع ولا يقولوا يا محمد في تجهّم ، وعن قتادة وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن مثله.