امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ. إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (٤٩ : ٤).
وهذا صحيح في نفسه ومؤيد بآيات الحجرات هذه وروايات (١) ولكنما التنديد بالتسلّل والتحذير عن مخالفة أمره قد يحوّل دعاء الرسول إلى دعاءه إياهم لأمر جامع. لا دعاءهم إياه ، انه إذا دعاكم إلى أمر جامع فعليكم اجابته كرسول : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) وعليكم المقام معه في أمره إلّا أن تستأذنوه لبعض شأنكم فليأذن لمن شاء!
أم وهو دعاءه عليهم إذا تمادوا في عصيانه ، فلا يستهينوا دعاءه لاستجابته من فوره (٢)؟ فكذلك الأمر! ام تعني (دُعاءَ الرَّسُولِ) مثلث الدعاء (٣) فلا تجعل كدعاء بعضكم بعضا أيا من الثلاث ، فله موقعه بالقمة الرسالية داعيا إياكم ومدعوا أو داعيا عليكم ، فلا تسوّوا بينه وبينكم ، فإن له موقعا عند الله وعند الناس لا يسامى أو يقاس بسائر الناس.
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٦٢٨ ح ٢٦٣ في تفسير القمي في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في الآية قال : يقول : لا تقولوا يا محمد ولا يا أبا القاسم لكن قولوا يا نبي الله ويا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
(٢) في الدر المنثور ٥ : ٦١ عن ابن عباس في الآية يقول : دعوة الرسول عليكم موجبة فاحذروها.
(٣) أي : دعاءه إياهم ودعاءهم إياه ودعاءه عليهم ، فهو من اضافة المصدر إلى مفعوله وفاعله وفي فاعله بتقدير «على» ودون تقدير ، ولفظ الآية صالح لهذا الجمع ، واختصاص موردها بدعائه إياهم لا يخصصها ، فانما المتبع عموم اللفظ او إطلاقه لا خصوص المورد وان كان في نفس الآية.