الحياة الدنيا وزهراتها ، ثم «إن شاء» في واقع الحق من مشيئته يعم جنات الأخرى وقصورها ، وقد شاءها لعباده الصالحين ، وهو من أصلح الصالحين.
فليست هذه المشيئة الثانية مفروضة عليه الّا بما وعد ، ولا الأولى مرفوضة لديه إلّا بما وعد (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
ذلك الجواب الحاسم عما هرفوه فيما خرفوه ، ولكن المخاطب هنا هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دونهم ، ولا حتى في «قل» تلميحا أن هؤلاء الحماقى لا يستحقون حتى خطابا في جواب!.
ولماذا في جنات «جعل» ماضيا وفي «قصورا» «يجعل» مستقبلا ، وهما معا جزاء الشرط؟ علّه للتصريح بما تلمحناه أن المشيئة الإلهية فيها متحققة يوم الأخرى ، وهي غير محتومة عليه لا في الأولى ولا في الأخرى ، وإنما رحمة منه في الأخرى بما كتب على نفسه الرحمة ، وتزهيد له في الدنيا كما زهد فيها ، وأبدله الله عنها في الأخرى «وإذا منازله فوق منازل الأنبياء فقال رضيت» (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٦٣ ـ اخرج الواحدي وابن عساكر من طريق جرير عن الضحاك عن ابن عباس قال : لما عير المشركون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالفاقة قالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق حزن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لذلك فنزل جبرائيل فقال : ان ربك يقرؤك السلام ويقول وما أرسلنا قبلك من المرسلين الا انهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ثم أتاه خازن الجنان ومعه سفط من نور يتلألأ فقال : هذه مفاتيح خزائن الدنيا فنظر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الى جبرائيل كالمستشير له فضرب جبرائيل إلى الأرض أن تواضع فقال يا رضوان لا حاجة لي فيها فنودي أن ارفع بصرك فرفع فإذا السماوات فتحت أبوابها إلى ـ