رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (٤٣ : ٣٢)(١).
ثم ولأنه بشر ، ولم يلق إليه كنز ، ولا جنة يأكل منها ، وهو يدعى هذه الرسالة ـ إذا ـ فهو مسحور :
(وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) ومن هؤلاء الظالمين بحق هذه الرسالة السامية من فتح بابا في صحيحه : ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سحر (٢).
(انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً)(٩).
إذ اتهموك بالإفك مرة ، ومثلوك برواة الأساطير أخرى ، وشبهوك بالمسحورين ثالثة أماهيه.
أمثال مضروبة عليه ، ضاربة إلى ظاهر من الحياة الدنيا ، تغافلا عن الأخرى «فضلوا» في الأمثال كما ضلوا عن صاحب الأمثال (فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) للقضاء عليه ، ولا التخلص عن حجته القارعة البارعة.
(تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً)(١٠).
«إن شاء» في موقف التشكك يحول هذه القصور والجنات إلى الحياة الدنيا ، وليس ليشاء الله له ذلك حيث موقف الرسالة يختلف عن زخرفات
__________________
(١) البحث الفصل حول ميزات الرسالة في الأسرى على ضوء هذه الآية فراجع.
(٢) لقد أشبعنا البحث حول نكران ذلك النكير في سورة الفلق فراجع.