هنا وهناك (عَلى رَبِّكَ وَعْداً) حيث كتب على نفسه الرحمة «مسئولا» أن لو لم يقع لأهله ، كان آهلا للسؤال : رب قد وعدتني وها أنا عبدك التقي كما أمرتني! ام «مسئولا» بما سأله عباده الصالحون فأجابهم : (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) كما وسأله لهم الملائكة : (رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ) وهو القائل (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) حيث وعد الاستجابة لصالح الدعاء ، فقد دعوا فليستجب ، وكما كتب على نفسه الرحمة.
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧) قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكانُوا قَوْماً بُوراً)(١٨).
وهل (ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) تعم كافة المعبودين من أصنام وطواغيت ، أو الصالحين من ملائكة ونبيين؟ والطواغيت هم الدعاة إلى أنفسهم ، فكيف يسمح لهم ذلك الكذب في اليوم الذي لا يسمح لأي كذب! : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ. هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) (٧٧ : ٣٥).
والأصنام الجامدة لا قيلة لها حتى تقول قولتها ، فيبقى ـ حينئذ ـ الصالحون (قالُوا سُبْحانَكَ) أن ندعي من دونك الوهة ، أم نقبل أن نعبد من دونك ، ف (ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ) نحن (مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ) نعبدهم ، فكيف نتخذ أنفسنا أولياء نعبد من دونك؟
إذا فلما ذا التعبير عن أصلح الصالحين العقلاء ب «ما»؟ علّه إخراجا لهم عن أية مكانة حتى العقل ، فضلا عن كونهم معبودين ، إظهارا لواقع حالهم في ذواتهم لولا رحمة من الله.
أم ان الله يستنطق الأصنام فتقول ما هي في كيانها وطبيعتها ، ف (إِنْ