لا سواه ، وكما هو ربه كذلك هو ربنا ، وكما نحن هو بشر مثلنا ، فالمماثلة في البشرية ووحدة الربوبية تقتضي نزول الوحي علينا كما ينزل عليه!
وتقرير آخر (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ) ليخبرونا أنك رسول الله (أَوْ نَرى رَبَّنا) فيخبرنا أنك رسوله ، حيث الوسيط البشرى مشكك لا يعتمد عليه ، أو ليست الحكمة الإلهية تقتضي في هدانا أن يسلك بنا سبيل اليقين؟.
ولكنه مستحيل من ناحية ، وهكذا رسالة فتنة حكيمة من أخرى (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً) وان حجة الله بالغة لمن ألقى السمع وهو شهيد.
ثم إنهم سوف يرون الملائكة ولات حين مناص ، وفات يوم خلاص :
(يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً)(٢٢).
ذلك هو يوم الموت ، بداية الرؤية لملائكة العذاب ، فهم يرونهم يومئذ بوحي العذاب وواقعه ، بديلا عما تطلبوا من وحي الرسالة أم تصديقها ، فذلك هو نصيبهم من رؤيتهم في ذلك اليوم العصيب (لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ) رغم ما تطلبوا قبله بشرى الوحي إليهم استكبارا في أنفسهم وعتوا كبيرا.
هنالك هم «يقولون» للملائكة (حِجْراً مَحْجُوراً) حجرا عن وحي العذاب وواقعه ، والملائكة يقولون ـ كذلك ـ لهم (حِجْراً مَحْجُوراً) عن رحمة الله كما هجروها يوم الدنيا ، وحجروا على أنفسهم رحمة الله.
ترى وإذا «حجرا» فقد كفى ، فلما ذا «محجورا»؟ إنه مبالغة في الحجر ، أنه ليس فقط يكفي كونه حاجرا ، بل ليكن الحاجر كذلك