التي تجسّم فيما يجشّم لهم مصيرهم المخيف وهم بعد أحياء يرزقون ، وليعلموا أن وعد الله حق.
(وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً)(٣١).
«جعلنا» هذا جعل تكويني في خلق «عدوا» لا تشريعا لعدائه ، ولا خلقا لعداوته ، وإنما عدم التسيير في ترك عدائه حيث الدار دار الإختيار في كل خير وشر ، دون تسيير وإجبار : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ. وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ) (٦ : ١١٣) (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ. وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٢٢ : ٥٤).
«كذلك» الذي ترى طول الرسالات «جعلنا» ولكنهم ليسوا ليضروا الله شيئا ، ولا رسل الله ولا المؤمنين بالله (وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً) برسوله وكتابه تشريعا ، وبما يوفق المؤمنين به تكوينا «ونصيرا» لهم في معارك الشيطنات (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً).
ان هدايته تعالى لطلابها ونصرته هنا ذات أبعاد : بعد الحفاظ على الإختيار ، إلّا يسيّر أعداء النبوات على ترك عدائهم ، وبعد الحجة البالغة الغالبة على طول خط الرسالات ، غير المغلوبة على أية حال ، ومن ثم حكمة بالغة هي أيضا هدى ونصرة للمؤمنين وضلال للكافرين ، أن لو