وتثبيت وحيه أنه ليس منه ، ولو كان لما كان ينتظر الوحي دائبا (وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) لك وللمرسل إليهم : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً).
لذلك فعلينا نحن العائشين بعد زمن الرسول أن نترتل في القرآن رويدا رويدا ، ونرتله على الناس ترتيلا ، دون أن نترسل في آياته كغزير الهاطل فنغرق في خضمّها ، أو نرسل لطلابها فإذا هم غارقون فيها.
ولقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يشارط من يتعلمون القرآن أن يتقنوه علما وعملا شيئا فشيئا ، دون تسرّع لا في قرائته ولا في تعلّمه ، وإنما ترتلا وترتيلا ليأخذ مواضعه من العقول والقلوب والأفئدة ، فتثبت عليه الأفئدة ، وتتحرك به القلوب ، فيصبح أمة القرآن في حركة دائبة بترتيله.
(وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً)(٣٣).
لهم أمثال الباطل ، ولنا تفسير الحق ، (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) ـ
فحجة القرآن البالغة محلّقة على أمثالهم الباطلة ، دارجة لها إدراج الرياح ، دونما إبقاء لها إلّا في ارتتاج.
(الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً)(٣٤).
ذلك لأنهم بكل اتجاهاتهم ووجوههم حشروا يوم الدنيا تأجيل نيران الضلال والإضلال ، فيوم القيامة يحشرون على وجوههم بنفس الوجوه جزاء وفاقا ف (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا