حتى يكون طهورا.
وكما ان ماء السماء الطهور يطهّر الميتات عن نجاسات الموات ، ويستديم الحياة ، ويطهر عن الاخباث والاحداث ، كذلك ـ وباحرى ـ ماء الهدى النازل من سماء الوحي : (لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ)(إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ. لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) ... فانه يحيي القلوب الميتة المتحرية عن حياة.
فقد يعنيهما معا دون تأويل (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً لِنُحْيِيَ ...) واين طهور من طهور؟!
وكما نرى عند هذا المقطع من استعراض المشاهد الكونية يلفت أنظار الناظرين إلى مصرّف القرآن النازل من أعمق أعماق سماوات الوحي ، تطهيرا للقلوب والأرواح :
(وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) (٥٠).
والتصريف هو الصرف من هنا إلى هناك وهنالك ، والله يصرف المعارف القرآنية بالمعارض الكونية المعروضة بين أيديهم «ليذكروا» من المحسوس إلى سواه ، حيث الكتابان : تكوينا وتدوينا ـ متجاوبان.
«صرفناه» : الوحي ككلّ في مصارف عدة حسب الحاجيات والقابليات والتطلبات المعقولة ، و «صرفناه» : القرآن في منازل القلوب كما يصرف ماء السماء : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) (١٣ : ١٧) والقلوب أوعية فخيرها أوعاها (فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ) في تاريخ الرسالات ، و (أَكْثَرُ النَّاسِ) في هذه الرسالة الأخيرة «إلا كفورا» كفران نعمة الوحي او كفرا به ، فقليل هؤلاء الذين يؤمنون ، والكافرون كثير.
(وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً (٥١) فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَجاهِدْهُمْ