بِهِ جِهاداً كَبِيراً)(٥٢).
«لبعثنا» و «نذيرا» مما يختص بالمرسلين دون سائر الدعاة إلى الله «ولو» تحيل تلك المشيئة الفوضى ، أن يبعث في كل قرية نذيرا ، وكأنهم قراء التعازي ومجهزي الأموات ، فتصبح الرسالة رخيصة بخيسة ولعبة بأيدي الناس.
فإنما الرسالة ـ أية رسالة ـ لا بد أن تكون في أمهات القرى : (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا) (٢٨ : ٥٩).
ثم (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) (٣٥ : ٢٤) إنما تستغرق النذارة لكل أمة ، لا كل قرية ، فكل أمة منبثة في قرى يبعث الله في أمها رسولا.
ذلك في عامة الرسالات ، وأما الخاصة ولا سيما في أولي العزم الذين دارت عليهم الرحى ، فالرسالة الأصيلة في كل قرية مستحيلة في بعد ثان إضافة إلى الاوّل ، وكيف يبعث في كافة القرى في كل أنحاء العالم رسل كمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا سيما في الطول التاريخي ، كلما مات محمدون أتى محمدون آخرون!.
(فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ) في متطلباتهم الهباء الخواء ، ولا تسايرهم ، بل (وَجاهِدْهُمْ بِهِ) بالقرآن وبعثتك لبثّه (جِهاداً كَبِيراً) مدى كبر هذه الرسالة الخالدة.
(وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً)(٥٣).
المرج هو الخلط فقد يكون تماما في مزج تام ، ولا برزخ ـ إذا ـ بينهما ،