وهي جمع الكثرة ، فان أعين المتقين هي القلة.
(أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً (٧٥) خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً)(٧٦).
«أولئك» المتقين ، أئمة ومأمومين ، بأزواجهم وذرياتهم القرة أعين (يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا ...).
هنا الصبر يعتبر كقمة وأساس لبنود التقوى الاثنى عشر ، فإنه صبر على الطاعة وصبر عن المعصية فيشملها كلها ، واما «الغرفة» بين نعيم الجنة فما هي؟ وما هو موقفها بينها حتى تختص بالذكر من بينها؟.
«الغرفة» هي الفعلة من الغرف : رفع الشيء وتناوله ، كما في غرفة الماء (إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) (٢ : ٢٤٩) فالغرفة هي العلّيّة ، وهي هنا في الجنة ، علّيّة في جنات النعيم والرضوان ، الشاملة لكل نعيم الجنة روحية مادية أمّاهيه.
ومن «الغرفة» ـ (وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً) : علّيّة روحية في خضمّ النعيم «تحية» دعاء وتبشيرا بخلودهم في حياة الجنة «وسلاما» كلاما وغير كلام ، فإنهم هناك في دار السلام (خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا) عطاء غير مجذوذ ، فإن جذاذ العطاء ليس حسنا كما يحق «ومقاما» قياما وزمانه ومكانه ومفعوله (١).
ومن الطريف الظريف أن هذه الدعاء وتلك الإجابة تاتي بعد واقع الصفات الإحدى عشر لعباد الرحمن ، مما يشير إلى أن ظرف الدعاء هو
__________________
(١) فانه يستعمل في مربع المعنى من الثلاثي المزيد.