مسير العبودية الصالحة بكل جدّ وسعي جادّ ، فليست الدعاء شغل البطالين بل هي زاد السالكين براحلة العبودية الصامدة.
كما ويشير إلى أن الدعاء هي من العبادة ، بل في قمتها حيث تتأخر عن سائر العبادة وكما يروى «الدعاء مخ العبادة» فمن يترك الدعاء فقد ترك مخ العبادة (... فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) :!
(قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً)(٧٧).
الإعباء هو الاعتناء لثقل ووزان في المعتنى به ، ف «قل» لهم أجمعين (ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي) اعتناء بكم واعتبارا لكم (لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) و «ما» نافية واستفهامية إنكارية : «لا يعبأ» او «لماذا يعبأ»؟ وهما معا معنيّان حيث هما معنيان متناسبان.
ثم «دعاءكم» قد يعني دعاء ربكم إياكم ، من إضافة المصدر إلى المفعول ، فلولا أنه دعاكم لهداه بما دعى ، وهداكم إياه بما هدى ، لم يكن ـ إذا ـ لكم عبء وثقل بمجرد أنكم إنسان ، فهذه الدعوة الربانية ، ولا سيما المحمدية «ربي» هي التي يعبّيكم فيعتني بكم ربي ، ثم (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ) يخص من ترك دعاءه في هداه.
او يعني دعاءكم إياه من اضافة المصدر إلى الفاعل ، سواء دعاء العبادة ، ام دعاء الدعاء الالتماس والدعوة ، فلولا عبادتكم إياه ف (ما يَعْبَؤُا بِكُمْ ...) ثم ولأن الدعاء هي مخ العبادة فلولاها ، (ما يَعْبَؤُا بِكُمْ).
و (لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) عبادة او دعاء (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ) بربوبيته تركا لعبادته ، و «كذبتم» بفقركم وغناه تركا لدعائه ، (فَسَوْفَ يَكُونُ) ذلك التكذيب ـ