جلدة «٢ (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً) ٣ (وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) ، لا تقبل لهم شهادة في أي أمر يحتاج إلى شهادة حقوقيا أم جزائيا أمّاذا ، وهم الفاسقون عند الله ، فلا عدالة لهم في أي أمر يحتاج إلى عدالة ، وكل ذلك إذا جمع إلى الرمي عدم الإتيان بأربعة شهداء حيث الحكم معلق عليهما! فإن كان عدلا دون هذا القذف فشهد في أمر آخر قبل أن يأتي بأربعة وهو في طريقه إليهم ، أو لم يثبت عجزه عن الإتيان بهم ، فشهادته مقبولة حتى يأتي بأربعة ، فإن عجز ردت شهادته السابقة إذ هو من مصاديق الآية! ولو لم تقبل شهادة القاذف قبل الإتيان بأربعة لما قبلت في قذف الزوجة في نفس الشهادات الأربع ، فالقذف بمفرده لا يفسّق وإنما إذا لم يأت بأربعة أو لم يشهد أربعا!
(إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٥) إذا ثبت القذف قبل التوبة فالحد ثابت دون مهادة ، فالتائب قبل ثبوت القذف لا ذنب له فلا حد عليه ، وكما في أشد منه : من يسعى في الأرض فسادا (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ) (٥ : ٣٤).
ف (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) يعني من بعد الجلد ، وإلّا فلا موقع ل (بَعْدِ ذلِكَ) إذا كانت التوبة تدرء الحدّ بعد ثبوت القذف ، فإذا تاب عما قذف وأصلح ، أن كذّب نفسه عند من قذف لديه ، واسترضى من قذف إن أمكن (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يغفر هذا المثلث ، أوّله بما جلّد عذابا في الدنيا ، دون غفر للجلد ، فإنما غفر لذنبه بالجلد ، وثانيه «عدم قبول الشهادة» لأنه كان بسبب فسقه وقد تاب عنه وأصلح ، وأما ثالثه : فسقه عند الله ، فكذلك الأمر!.
فسقه هذا سبّب هذه التأديبات الثلاث ، فتوبته تغفرها كلها إلّا الجلد لمكان (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) فلا هو يعذب في الآخرة بعد عذاب الدنيا حيث