العارفين فسقه ، فهي إن قبلت عند الله خارجة عن هذه الآية ، فكيف تقبل شهادة من لم تعرف توبته ، فلتكن على معرفة من الحاكم والذين عرفوا قذفه.
وأما الإصلاح فله أبعاد ثلاث : إصلاح حاله عند الحاكم ان يكذب نفسه ليقبل شهادته بعده ، وإصلاح حال المقذوف عند نفسه اعتذارا منه ، وإصلاحه عند الناس الذين عرفوا قذفه أن يكذب نفسه عندهم ، حيث الإصلاح بعد إفساد القذف ينحو منحى سعة الإفساد ومداه كما يستطيع ، فلا تفيد توبة دون مثلث الإصلاح ، كما لا يفيد الإصلاح دون توبة ، في دفع الأحكام الثلاث ،
وهل القاذف الصادق المردود قذفه دون شهادة يكذب نفسه في توبته وإصلاحه؟ وهو تكذيب لواقع الصدق! أم يعتذر عما أذنب بقذفه دون تكذيب لنفسه؟ وهو حق! و «أكذب نفسه» في الحديث لا يعني تكذيب صدقه إن صدق ، وإنما تكذيب قذفه ، فإن كان صادقا فصادق ، وان كان كاذبا فليكذب كذبه!
أم لان «أولئك (عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ) فليكذب نفسه وإن كان صادقا فان صدقه في رميه عند الله كذب في حكمة عامة؟ ولكنه لا يستلزم تكذيبه صدقه إن صدق ، وإنما اعتذاره عما اتفق لأنه ذنب وكشف ستر عن المسلم!
ثم من إصلاحه إصلاح سمعته بين الذين سمعوا رميه ، أن يرجع إلى حالته قبل رميه عند الناس ، كما عند الله بالتوبة ، فتزول هذه المنعة عن قبول شهادته إن لم تكن فيه منعة أخرى ، ف (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا) تزيل فقط منعة الفرية ، ولا توجب قبول الشهادة دون شرط ، وهي لا تقبل في غير المفتري دون شرط ، فكيف تقبل من المفتري التائب دون شرط؟!.