الخبر ، وصدق محظور عند من لم يخبر ، فانه إشاعة عملية للفاحشة ، إذ من الناس من يصدق الخبر ولا يصدق كذبه وكثير مّا هم ، ومنهم من يعكس وقليل ما هم ، فليس إذا في نقل إفك مع تكذيبه لغير المخبر إلا ضرر.
وقد كان في هذه الآيات المنبهات المنددات فضل من الله ورحمة في الدنيا ، إن لم يصل أمر الخوض في بعضهم إلى عذاب الدنيا «الحد» وعذاب الآخرة ، إضافة إلى الفضل والرحمة في تطهير الجو للجماعة المؤمنة.
(عَذابٌ عَظِيمٌ) هنا يعم في الدنيا والآخرة ، حيث فضل الله ورحمته في الدنيا والآخرة ، فإجراء الحد على القاذف وعلى من ثبتت عليه الفاحشة منعة عن عذاب الآخرة ، وعن شيوع الفاحشة في الدنيا ، وتحديد الرمي بتلكم الشروط الصعبة فضل من الله ورحمة في الدنيا حفاظا على عرض الجماعة المؤمنة ، والتشديد على مقترف الفاحشة رحمة في الدنيا ألا يبتلى بها ثم لا تكون عنه سنة سيئة ، ورحمة في الآخرة ألا يعذب بها إذ تركها ، أم حدّ عليها!
لقد شملكم فضل من الله ورحمة في الدنيا والآخرة بما أنزل آيات القذف والفاحشة ، شملتكم : إذ تلقونه ... تلقيا في تنقّل كان يسوقكم إلى شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم في الدنيا والآخرة ف (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) ولعنة الدارين عذاب عظيم حيث الإفك يؤذي قلب النبي الطاهر ، ومن لعنة الدنيا حدّها ومن لعنة الآخرة عذابها : ـ
(إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ)(١٥).