تلقي الإفك بالألسن ـ دون شهادة علم او حضور ـ محظور ، أن يسمع إفكا من أيّ كان ، فما يلبث إلّا أن يتلقى ما سمعه بلسانه ليسمع الآخرين كما سمع ، وهذا هو القول بالأفواه حيث لا يتجاوزها إلى علم ، ولا يصدر عن قلب ، وإنما تنقّلا عن ألسن الآفكين إلى أفواه المؤتفكين دون تثبّت ، ومن ثم إلى أسماع الآخرين تكثيرا للقائلين ، وتكديرا للجو على المؤمنين البريئين! (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ)! وكما يقوله النبي الكريم «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالا يهوى بها في النار أبعد ما بين السماء والأرض» (١).
ليس لك أن تقول كل ما لك به علم قذفا إلّا بشهود ، فضلا عما ليس لك به علم تلقيا كالبغبغاء بالألسن ، فهل أنت إذا إنسان؟ كلا! ف «لا تدع اليقين بالشك والمكشوف بالخفي ولا تحكم على ما لم تره بما يروى لك عنه ، وقد عظم الله عز وجل أمر الغيبة وسوء الظن بإخوانك المؤمنين ، فكيف بالجرأة على إطلاق قول واعتقاد بزور وبهتان في أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (٢) وزوجاته.
اوّل ما يتلقى القول ليس إلّا بالأسماع ، ثم قد ينتقل إلى الألسن ، فكيف (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ ...)؟ إنه ما ألطفه تعبيرا عن لقلقة اللسان
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٢٥ ـ اخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفيه اخرج الطبراني عن حذيفة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : قذف المحصنة يهدم عمل مائة سنة.
(٢) مصباح الشريعة عن الامام الصادق (عليه السلام) مستشهدا بالآية «إِذْ تَلَقَّوْنَهُ ...».