تصويرهن غافلات غير آخذات حذرهن من رمية الإفك ، لأنهن مطمئنات بأنفسهن بريئات الطوايا ، إذ ما أتين بشيء ولا تقارفنه حتى يحذرنه!
ترى أن مثلث العذاب لزام عليهم وإن أتوا بأربعة شهداء؟ طبعا لا! فإن آيات الشهداء شملتهم من ذي قبل! إلّا أن وصفهن بالصفات الثلاث الحسنات في خطاب التنديد بالرامين مما يحيل شهادة الأربعة ، كيف وهي قريبة الاستحالة على غير الشهيرات بالفاحشة ، بل وحتى الشهيرات إلّا اللهيرات اللاتي يأتين الفاحشة متظاهرات على رؤس الأشهاد بحيث يسمح بإمكانية رؤية الشهود كما يجب!
إن مثلث العذاب لزام لمن يعرف المرمية بعفة وإيمان وأنها ذات بعل ، فلا شهود إذا ، وهل من توبة ، والجريمة هي تلك الثقيلة ، وآية الغافلات لم تستثن بالتوبة؟ أجل مهما كانت أصعب مما دونها حيث التوبات تكلّف من الصعوبات حسب دركات الخطيئات ، وإذ تجوز وتجب التوبة عن أنحس الكفر وهي مقبولة بنصوص الآيات ، فبأحرى تلك الجريمة فإنها فسق مهما كبرت ، وآية التوبة عن قذف المحصنات تشمل كل قذف على كل محصنة مهما اختلفت الدرجات!
فلعنهم في الدنيا هو حدّهم وهو توبة عملية مهما عظم عذابه ، ولعنهم في الآخرة هو عذابهم فيها إن لم يتوبوا أو لم تكمل التوبة ، وعلّ عدم الاستثناء في هذه الآية بالتوبة رغم إمكانيتها وقبولها ، لعظم الخطيئة كأن ليس عنها توبة ، أو أن صاحب تلك الجريمة بعيد التوفيق عن التوبة ، أو عن تكملة شرائطها حتى يصبح كأنه لا ذنب له ... وترى ما هو يوم اللعنة الأخيرة بعذابها العظيم؟ إنها : ـ
(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤)