(وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) ١٣.
عظة لا بقة لائقة من والد حكيم لولده ، بادئة بالسلب : (لا تُشْرِكْ بِاللهِ) وخلفيّته الإيجاب وهو توحيد الله ، فهي عبارة اخرى عن (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) تحقيقا لها حقيقا بولد الحكيم وهو يعظه بحكمة الله التي آتاه.
وليست مجرد عظة ، بل هي معلّلة بأقوى البراهين البيّنة (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) ظلم يبتدء من الإنسان المشرك نفسه أن يعبد أكرم خلق الله خلقا خسيسا كوثن أو صنم أو حيوان ، ام خلقا مثله في الحاجة المحلّقة على الخلق كله ، كملك او نبي او ولي وهم أنفسهم يوحدون الله وينهون عن أن يشرك بالله.
ثم ظلم للحق أن يسوّى بين الخالق والمخلوق ، ثم يفضّل المخلوق على الخالق ، بأن يختص عبوديته للخلق ويترك الخالق ، وظلم في كافة الموازين والمقاييس ان يشرك بالله العظيم ، إذا فهو ظلم عظيم لا يساوى باي ظلم ، ولبعده في عظمه (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ).
ولأن عظة الوالد ولده غير متهمة إذ لا ارأف منه به ، تعرض في هذه الإذاعة القرآنية استئصالا لكل ريبة تعتري ألدّاء المشركين زمن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن ليس وراءها انتزاع سلطان منهم وتفضل عليهم.
لذلك نرى الآيتين التاليتين تأتيان كجملة معترضة بين عظات لقمان لابنه ، عرضا لمدى حق الوالدين على الأولاد وفرضا لطاعتهما وشكرهما بعد شكر الله إلّا في الإشراك بالله ، فان هذا الظلم العظيم لا يقبل حلولا حتى