الأربع ، والبراهين الساطعة عقليا ونقليا تثبت أن : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وأنه (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) وأنه «ليس هو في خلقه ولا خلقه فيه» فلا تجانس ولا تماثل بينه وبين خلقه أيا كان ، روحا وسواه.
(وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) .. «لكم» هناك «سواه» هناك تعم الإنسان ككل ، حيث الإنسان أيا كان ، هو قبل نفخ الروح ليست له هذه الثلاث إلّا وسائلها أذنا وعينا وقلبا ، فلما (نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) جعل به هذه الثلاث : السمع والأبصار والأفئدة ـ فالأولان هما من أهم النماذج في الإدراكات الحسية الخمس ، والأفئدة وهي القلوب المتفئدة ، هي أهم الإدراكات الروحية ، وهذه الثلاث هي التي تتبنّى إنسانية الإنسان الكاملة الكافلة لعروجه في درجاته ، وخروجه عن دركاته ، وأنتم مع كل هذه النعم السابغة : (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) مهما كان من قصور أو تقصير.
(وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ ١٠ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) ١١.
«وقالوا» هؤلاء المشركون ، الناكرون للوحي والحشر (أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ ...)؟ هنا ضمير المتكلم مع الغير «نا ـ نا» و «هم» تعني شيئا واحدا وهو الإنسان بجزئيه روحا وجسما ، فهم يستبعدون (أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) وجدا كما كانوا تحولا عن ضلالهم في الأرض ، كأنهم حين يضلّون عن أبصار الناضرين وعلمهم ، يضلون كذلك عن رب العالمين.
«ضللنا» هنا تعم كل الضلالات الحاصلة للموتى في جزئيهم بأجزائهما ، عامة كتناثر الأجسام ورفات العظام ، ضلالا عن البنية الإنسانية والماهية الجسدانية ، وضلال الأرواح عن الأبدان انفصالها عنها ، أم وفناءها كما