وهم افتروا عليه شركاء وأندادا ، ثم إذا جاءهم الحق التوحيد بوحي منه كذبوا به «أليس» إذا (فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً) ومأوى ومقاما «للكافرين» كما كانوا آوين إلى جهنم الكذب والتكذيب ، ثاوين في كفرهم بالله العظيم! وهنا خير ختام في السورة بخير الأنام وهم المجاهدون في الله ، المحسنون :
(وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) ٦٩.
وقد يختلف (جاهَدُوا فِينا) عن «جاهدوا في سبيلنا» حيث الأول أخص ، والجهد في جهاده امسّ ، وعبارة أخرى عن (جاهَدُوا فِينا) : جاهدوا في الله كما (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ) المخاطب فيها أهل الله الخصوص حيث تتلوها ـ (هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ..) (٢٢ : ٧٨)(١).
ففي (٣٠) موضعا من القرآن المذكور فيها المجاهدة بصيغها المختلفة لا نجدها في الله إلّا في هاتين ، ثم البقية بين في سبيل الله ام مطلقها بالأموال والأنفس أماذا؟ مما يدل على أن المجاهدة في الله هي القمة المرموقة منها بين درجاتها.
فهنا جهاد في سبيل الله يؤمر به كل من يؤمن بالله ، ثم جهاد في الله يؤمر به أهل الله الخصوص ، فيعدهم هنا (لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) وهي غير سبيل الله الواضحة لكل من يجاهد فيها.
فالسبل الربانية الغامضة التي لا يهتدي إليها إلّا بالجهاد في الله ، وهي عدة حسب عدّات الجهاد في الله عدّاته ، إنها ليست سبيل الله المعروفة لكافة
__________________
(١) في تفسير القمي في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : هذه الآية لآل محمد عليهم السلام ولأشياعهم.