دون تفاوت : (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) ذلك دليل أن خالقهما واحد عزيز حكيم.
وحق الخلق فيهما سببا وغاية دليل حياتنا الحساب بعد الموت ، فان هذه الضئيلة القليلة ، الفانية الهزيلة ، البالية البلية ، هذه لا تستحق ذلك الخلق الطائل الحكيم : (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٤٤ : ٣٩).
كما وحق الخلق لهما كخلق ينفي الولاية عنهما وما فيهما وما بينهما كخلق ، فأين الخلق والولاية الخاصة بالخالق في الآخرة والأولى «ولله الآخرة والأولى»؟!
إذا (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) التوحيد والمعاد والولاية «للمؤمنين».
ولما ذا فقط «للمؤمنين» وكافة المكلفين يكلفون بالنظر فيهما حتى يعرفوا حق المبدء والمعاد؟ «المؤمنين» هنا هم الذين يؤمنون بالآيات البينات ، فمن الناس من يؤمن بها مهما كان ملحدا أو مشركا ، إذ بقيت له منافذ المعرفة ، وهو يتحرى عن الحق المبين ، فهم من المعنيين مع سائر المؤمنين المتفتحة قلوبهم لآيات الله الهية وأنفسية ، المبثوثة في تضاعيف ذلك الكون البارع وحناياه ، المشهودة في تنظيمه وتنسيقه ، المنشورة المنثورة في جوانبه حيثما امتدت الأبصار ومدت البصائر والأفكار ، ومنهم من يجحد بها مهما كان مدعيا للايمان ، فهم (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ـ (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ) المتعنتون المتعندون الذين (جَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا)! (اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) ٤٥.
هنا الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يؤمر ـ بعد عرض مسارح