سورة «الروم» هي المنقطعة النظير بين سائر السور القرآنية تسمّيا باسم قطر من أقطار الأرض ، في حين لم تسمّ سورة بقطري الوحي القرآني مكة والمدينة ، وعلّ ذلك الإختصاص لملابسة خاصة وقت نزولها تقتضي تلك التسمية ، هي ان غلب الروم الموحدين في أدنى الأرض من المشركين الإيرانيين كان قد قوى ساعد المشركين في الجزيرة أن غلبوا إخوانهم ، وكسر ساعد المسلمين ان غلب إخوانهم من أهل الكتاب ، فليسمّ الروم غالبا ومغلوبا جبرا لذلك الكسر في نفوس المسلمين ، وزيادة تحمل ملحمة غلب الروم على الفرس في بضع سنين.
وليست لتقف السورة ـ بعد ـ على تلك الغلبة الموعودة في حدود ذلك الحادث الجلل ، فانما هو مناسبة وقتية لينطلق بهم فيها إلى آماد أوسع من غلب المسلمين مشركي الجزيرة ، ويا له ولغلب الروم من قران عجيب إذ غلبوا في بدر وهم أذلة ، وغلب معهم الروم بعد تسع من ذلك الوعد على الفرس ، وهم أذلة و (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ).
ويا له من غزير النصر الموعود والمسلمون في مكة مهدّدون مستضعفون ، تتواتر عليهم النوازل السوء في كل الحقول ، وليسوا يعتمدون إلّا على نصر من الله وروح ورضوان!
(الم) ١.
هي الثانية في المكيات الأربع حسب ترتيب التأليف ، والثالثة بعد الأولى منها وهي البقرة المدنية الوحيدة في «الم» والمجموع خمس رمزا إلى ما يعرفه من خوطب بها فانها من مفاتيح كنوز القرآن.
(غُلِبَتِ الرُّومُ ٢ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) ٣.