وعلمه وعزته ، فإن الغيب أيا كان ، ما لم يكن أو كان (١) ، والشهادة على أية حال ، كل ذلك عنده شهادة.
(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) ٧
(أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) أن (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) (٢٠ : ٥٠) فإنه من إحسان خلقه ، كما أحسن كلا من الخلق والهدى لكلّ ما خلق وهدى ، فلا أحسن مما فعل ولا اتقن ، ومن ذلك : (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) والمبدء هو آدم الأوّل حيث خلق قفزة من طين ، مهما خلق نسله من أصول طينية ولكنه دون قفزة حيث تحولت إلى ماء مهين.
أترى ليس في خلق الله قبيح ولا غير حسن؟ وذلك ملموس! أم إنه ليس من خلق الله؟ وهو الذي (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ...) ، (خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (٢٥ : ٢).
ليس يعني (أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) أنه خلق كل شيء سواء في الحسن ، وإنما هو إحسان لكل خلق على حدّه ، فهو إتقان وإحكام (٢) لكل خلق حسب الحكمة الربانية بالظروف المواتية والملابسات المقتضية.
فلكل جماد ونبات وحيوان وإنسان أو ملك وجان شاكلة روحية وجسدية أمّا هية ، هي ـ ككل ـ قضية الحكمة كضابطة لكلّ ، أم قضية الملابسات كالعور والعمى والصم والشلل أما ذا من عوارض هي حصيلة الكيفية الخاصة لأصول الولادة وكيفيتها وما يطرء الولائد من طوارئ ، فالخلق
__________________
(١) تفسير البرهان ٣ : ٢٨١ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الآية الغيب ما لم يكن والشهادة ما قد كان» أقول ما لم يكن هو من أغيب الغيب كما ومما كان غيب ، وما قد كان ليس كله شهادة ، وإنما جله.
(٢) الدر المنثور ٥ : ١٧٢ ـ ابن عباس عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الآية قال : أما إن است القردة ليست بحسنة ولكنه أحكم خلقها.