هنا وفي الحج (إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) مهما اختلفت العندية هنا وهناك ، ثم لا نجد في المعارج «عند ربك» مما يلمح أن يوما فيها خمسون يوما عند ربك (١) ، وقد جمعها (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) يوم قد يعني منه الأيام الخمسون.
وكما أن الأيام الستة للخلق تختلف عن أيامنا ، كذلك يوم العروج إلى الله ويوم المعارج ، وعلى الجملة «يوم» كواحد الزمان «عند ربك» يختلف عن كل أيامنا في تقديراتنا الزمنية كما فصلت في تفسير المعارج.
وعلى أية حال فعروج امر التدبير إليه وفيه انهدام الكون أرضيا وسماويا يتطلب في العادة ألف سنة ، ولكنه يحصل في يوم وهو واحد الزمان وهو الحركة الأصلية للمادة الأولية وكما فصلناها في المعارج.
فأمر الله ككل واحدة كلمح بالبصر : (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) (٥٤ : ٥٠) ثم (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) (١٦ : ٧٧) وكأن هذه الواحدة هي يوم عند ربك كألف سنة مما تعدون» بيانا لنفاذ أمره وسرعته.
(ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) ٦
«ذلك» الله العظيم ، الخالق المدبر الحكيم ، هو لا سواه (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) على سواء ، إذ لا غيب عندنا إلّا وهو شهادة عنده ، وكثير من الشهادة عنده غيب عندنا وهو «العزيز» في علمه وقدرته «الحكيم» في قدرته
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٢٢٢ في أمالي الطوسي بأسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال في كلام طويل : فإن في القيامة خمسين موقفا كل موقف مثل ألف سنة مما تعدون ثم تلا هذه الآية (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) أقول وهذه الرواية متظافرة ذكرت في تفسير آية الحج وآية المعراج.