(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ٣٧.
بسط الرزق وقدره أيا كان إنما هما بمشيئة الله حسب الحكمة العالية الربانية كما يراها الله ، وفي كلّ من البسط والقدر (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) بالله ، أنه لا يبسط أو يقدر رزقه إلّا بحكمة امتحانا أو امتهانا ، وفي كلّ ابتلاء ، بل البلاء في خضمّ الرزق أبلى وأشجى من قدره.
والواو هنا قد تعطف الى ما تغافلوا عنه وهو : إن لم يروا معاكسة في الرزق وقدره بين المؤمنين وسواهم ، بسطا لهم في الأكثر وقدرا للمؤمنين ، وليس في ذلك حط لقدرهم أولاء ورفع لقدر هؤلاء ، فإن لم يروا (أَوَلَمْ يَرَوْا) بصورة طليقة بين القبيليين (أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ) مؤمنا وكافرا على قلة اهتمام في طلبه وجهله بموارده «ويقدر» لمن يشاء على كثرة اهتمامه وعلمه بموارده (إِنَّ فِي ذلِكَ) الاختلاف الظاهر في بسط الرزق وقدره «لآيات» تدل على قدرة حكيمة وإرادة طليقة وراء القدرات والمحاولات.
ثم البسط والقدر هنا لا يخصان حقل التكوين بل والتشريع ايضا حيث يفضّل الله بعضا على بعض في الرزق إيتاء وإنفاقا وكما :
(فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ٣٨.
آيتان تامرانه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بإيتاء ذي القربى حقه أولاهما في الأسرى : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً)(٢٦) وقد قدمنا فيها أن «ذا القربى» هو صاحب القرابة الأدنى الى رسول الهدى (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : نسبيا ورساليا ، حقّ المال وحقّ