ومن النفوس ما لا يقبضها إلّا الله ومنها ما يقبضها ملك الموت نفسه ، ومنها ما يقبضها الملائكة الأعوان وإذا كان الله هو الذي يقبض أرواح بعض الشهداء فالرسول (صلّى الله عليه وآله) وذووه أحرى بذلك وأولى (١).
(قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ) هكذا فلا مفلت ـ إذا ـ عن حيطته ، ولا مغلط في علمه وقدرته ، ولا ضلة أو زلة في توفيه ، «ثم» بعد اكتمال النشأة البرزخية «إلى ربكم» الذي رباكم وتوفاكم «ترجعون» في خلق جديد كما الأوّل «بل (هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) لو كان عنده هين وأهون.
والرجوع إلى الرب هنا رجوعان ، رجوع الحياة ، ورجوع للحساب فالثواب أو العقاب ، و «ربكم» تعني هنا ربوبيته الجزاء الحساب قضية عدله ، كماله ربوبية النشأة الأولى قضية فضله.
ليست هناك مشكلة شائكة تحول دون الحشر إلى الله (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) فإنما الدافع الأصيل لاختلاق هذه الشبهات والاستبعادات هو الكفر بلقاء ربهم ، حيث يلقي على أنفسهم ظلّ الشك والاعتراض على الأمر الواضح الذي وقع مرة في خلقهم ، ويقع ما هو قريب منه في كل لحظة ،
__________________
ـ وان تسخطوا تأثموا وتؤزروا وأن لنا عندكم عودة بعد عودة فالحذر الحذر وما من اهل بيت شعر ولا مدر بر ولا فاجر سهل ولا جبل إلا أنا أتصفحهم في كل يوم وليلة حتى أنا اعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم والله لو أردت ان اقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو يأذن بقبضها.
(١) الدر المنثور ٥ : ١٧٣ ـ أخرج ابن ماجة عن أبي أمامة سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : إن الله وكل ملك الموت يقبض الأرواح إلّا شهداء البحر فإنه يتولى قبض أرواحهم.