«إنما» هنا حصر بصادق الإيمان ، أن التفكير بآيات الله يخرّرهم سجدا لله مسبحين بحمد ربهم دونما استكبار ، مما يدل ـ لأقل تقدير ـ على وجوب استماع القرآن ككلّ ، فإنه أقل سجود له وخضوع ، وتركه ـ إذا ـ خلاف واجب الإيمان.
وإنها صورة ووضيئة للأرواح المؤمنة الشفيفة الحساسة اللطيفة المرتجفة من خشية الله وتقواه حين تذكّر بآيات الله ، حيث تتلقاها بتوفّز الحس واستيقاظ القلب واستنارة الضمير.
و «سجدا» عرض لحالتهم الخاضعة : الخاشعة في سمع وعقل وقلب أمام ذكريات القرآن ، بل هم بكل جوارحهم وجوانحهم يسجدون له صاغين إليه ، حاصرين حواسهم وإحساساتهم وإدراكاتهم فيه.
(تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) ١٦.
«المضاجع» هنا هي فراشات ومكانات النوم ، وتجافي الجنوب عنها هو تنحّي الشقق عن مضاجعهم ، لا أنهم يأخذون مضاجعهم متجافين فيها ، وإنما «عن مضاجعهم» كيلا يأخذهم النوم عن الصلاة الأخرى عشاء أو عصرا ، أم وبعد العشاء عن صلاة الليل (١) حيطة على فرض الأوليين ونفل
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٢٢٦ عن تفسير القمي حدثني أبي عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ما من عمل يعمله العبد إلا وله ثواب في القرآن إلا صلاة الليل فإن الله عز وجل لم يبين ثوابها لعظيم خطره عنده فقال جل ذكره : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ) ـ إلى قوله ـ (نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ).
وفيه عن العلل بأسناده إلى أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال في الآية : لعلك ترى ان القوم لم يكونوا ينامون ، قال قلت : الله ورسوله وابن رسوله ـ