وفي جمع الخطاب (لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ) قطع للميزات والمفاصلات في المدعوين إلى الله لكل داعية قاطعة.
وأبوه هو عمه أو جده لأمه دون والده إذ فقده في طفولته فقام عمه مقامه في كافة شئون الأبوة ، فرغم أنه عاش جو الشرك داخل بيته وخارج بيته ، يصبح أصرم محارب وأصرحه ضد البيت والبيئة.
وإنه في حملته الصارمة العامة الشاملة بحاجة إلى خلق جوّ يسمح له بعد حجاج الكلام تحقيق حجاج العمل الجبار في كسر الأصنام ، فما ذا يصنع ـ إذا ـ إلّا أن يتأخر عن خروجهم لعيد لهم في اعتذار ، بمكر صادق جبّار ، يجعله مع الأصنام دونما حاجز لكسرهم ولا صدام :
(فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ)(٨٩).
أترى كان به سقم؟ وما هي رباطه بنظرة النجوم؟ ... «والله ما كان سقيما وما كذب» (١) «إنما عنى سقيما في دينه مرتادا» (٢) وهذه تقية (٣) التّورية أن تلفظ بأمر وتعني خلاف الظاهر منه ، فالكذب محرم على أية
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٤٠٦ ح ٤٦ في روضة الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال ابو جعفر (عليه السلام) عاب آلهتهم (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ. فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) قال ابو جعفر : والله ...
(٢) المصدر ح ٤٢ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى صالح بن سعيد عن رجل من أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له : قوله تعالى : اني سقيم فقال : ما كان ابراهيم سقيما وما كذب انما عنى ...
(٣) المصدر ح ٤٥ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال : التقية من دين الله قلت : من دين الله؟ قال : اي والله من دين الله ، ولقد قال يوسف أيتها العير انكم لسارقون والله ما كانوا سرقوا شيئا ولقد قال ابراهيم اني سقيم والله ما كان سقيما أقول هم سرقوا يوسف وهو غير ظاهر العبارة ، وابراهيم كان سقيما في روحه عنهم وهو غير ظاهر العبارة ، وفيه عن روضة الكافي عن أبي بصير قال قيل لأبي جعفر ـ