وهناك فشوهت الحقيقة الناصعة التي أتى بها القرآن العظيم ، ولا نؤمن إلا بما جاء نصه في الذكر الحكيم.
والقول الفصل في الجواب في أصوب الصواب تجده عند باقر العلوم (عليه السلام): ان أيوب (عليه السلام) ابتلي من غير ذنب ، وإن الأنبياء لا يذنبون ، لأنهم معصومون مطهرون ، لا يذنبون ولا يزيغون ولا يرتكبون ذنبا صغيرا ولا كبيرا ، وان أيوب (عليه السلام) مع جميع ما ابتلي به لم ينتن له رائحة ولا قبحت له صورة ، ولا خرجت منه مدة من دم ولا قيح ولا استقذره أحدا رآه ، ولا استوحش منه احد شاهده ، ولا تدوّد شيء من جسده ، وهكذا يصنع الله عز وجل بجميع من يبتليه من أنبيائه وأوليائه المكرمين عليه ، وإنما اجتنبه الناس لفقره وضعفه في ظاهر أمره لجهلهم بماله عند ربه تعالى من التأييد والفرج ، وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أعظم الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل.
ابتلاه الله بالبلاء العظيم الذي تهون معه على جميع الناس ، لئلا يدعوا معه الربوبية إذا شاهدوا ما أراد الله أن يوصله إليه من عظائم نعمه متى
__________________
ـ «... من يعطيني أجده فآتي الى كرسيه ، احسن الدعوى امامه ، وأملأ فمي حججا فأعرف الأقوال التي يجيبني وافهم ما يقوله لي ... ها أنا ذا اذهب شرقا فليس هو هناك وغربا فلا أشعر به ، شمالا حيث عمله فلا انظره ، يتعطف الجنوب فلا أراه» (٢٤ : ٣ ـ ٨) «حي هو الله الذي نزع حقي والقدير الذي امر نفسي» (٢٧ : ٢). هذا! ولكن ربه يناقضه في هذه التهم «فقال الرب للشيطان هل جعلت قلبك على عبدي أيوب لأنه ليس مثله في الأرض رجل كامل ومستقيم يتقي الله ويحيد عن الشر» (١ : ٨) «الى الآن هو متمسك بكماله وقد هيجتني عليه لأبتلعه بلا سبب (٢ : ٣) فانظر الى هذه الشطحات المتناقضات في التوراة والروايات المتأثرة بها ثم انظر الى القرآن الحكيم فاقض ما أنت قاض.