او أن اختصامهم مطوي عنه هنا ، مذكور في البقرة : أتجعل فيها ... ولكنه ـ ايضا ـ ليس اختصاما بينهم ، بل سؤال استفهام عن الله كيف يجعل فيها من يفسد فيها؟.
ثم ـ وعلى أية حال ـ كيف يختصم الملأ الأعلى وفيم يختصمون ، وهم عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون؟
هنا الاختصام ـ وبقرينه الافتعال ـ ليس ليعني الخصومة ، وإنما هو الحوار حول الوحي النازل إليهم وما سوف يتنزل ، وتقدّم الوحي عليهم ثم إلى الرسول ، لا يقدّمهم في مكانة الوحي على الرسول ، فما هم إلّا وسائط الوحي الرسالي للرسول «ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه»!.
وقد يعني الاختصام ـ فيما يعنيه ـ ما علّه حصل من (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) كما تلمح له : إذ قال ربك ... فحار المحتار منهم لذلك الإختيار وحصل الحوار : (إِذْ قالَ رَبُّكَ ...).
ولقد فسرنا قصة آدم والملائكة وإبليس في مواضيع عدة ، وهنا زيادات في تنبيهات :
١ ـ (وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) تبين نفاقه حين كان مع الملائكة فأبرز كفره حين الأمر بالسجود ، ولو كان من الملائكة ما عصى فضلا عما كفر ومنذ الأول ، كلّا! إنه (كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ).
٢ ـ (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) ترى الظرف يتعلق ب «خلقت»؟ خلقته بيدي «استكبرت» عليّ؟ أم (بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ) حيث خلقتك أيضا بيدي ، وأقدرتك بيدي؟
قد يعنيهما «بيدي» وما أحلاه جمعا جامعا للتنديدين بهذا اللعين.