وترى ما هما اليدان هنا وفي أمثاله : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) (٥ : ٦٤) واليد مفردا في سواه : (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) (٢٣ : ٨٨)؟
اليد هنا وهناك كناية عن القدرة والنعمة والسماحة ، وعلّهما هنا وفي أضرابهما كناية عن كرامة القدرة القمة ، حيث الخلق تختلف حسب الدرجات في القابليات والفاعليات والعطيات : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ).
وعلّ اليدين هنا يد الخلق لجسم آدم وروحه ، حيث الشيطان تناسى اليد الثانية وأكبّ إلى الأولى ففضّل نفسه على آدم : (قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) ولو أن إبليس نظر إلى نورية آدم ولم ينظر إلى نارية نفسه لم يكن منه ما كان!
وإنه الحسد ينضج من ذلك الرد الكافر ، والتغافل عن العنصر الكريم الزائد على الطين في آدم! «استكبرت» عليّ ام على آدم ، والأول كفر والثاني فسق ، وقد جمع بينهما ، فاستكبر على الله وعلى آدم (أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) على الله؟ ولا إله إلا الله! أم على آدم ، وليس العلو إلّا بعلو الروح ، وحتى إذا كنت من العالين على آدم فليس لك أن تعلو على الله في أمر آدم ، فإنه (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ).
ويلوح من جوابه كأنه من العالين على آدم : (قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ...) ولكنه استكبار على الله ، تحكيما للقياس الباطل على حكم الله.
وترى هنا «العالين» على آدم وقد خلق في أحسن تقويم؟ أجل ، عالين على آدم لا على كل الناس ، فأهل بيت الرسالة المحمدية هم