العالون على آدم ومن فوقه من النبيين ، ولكنهم لو كانوا يؤمرون أن يسجدوا الله شكرا لما خلق أباهم آدم لما كانوا يتركون!
هنالك صدر الأمر برجم الشيطان الرجيم : (قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ. وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ)
وما هو مرجع ضمير المؤنث في «منها»؟ إنه الجنة التي كان فيها آدم : (فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) (٧ : ١٣) دون الرحمة إذ لم يكن الشيطان في الرحمة ولم يسبق ذكر إلّا للجنة!
هنا اللعين يستنظر ربه إلى يوم الدين ، فيستجاب (إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)(١) ولو كان هو ـ فقط ـ يوم الدين لكان الجواب ـ كذلك ـ هو يوم الدين ، وعلّ الوقت المعلوم يعني يوم الدين نهاية ، ويوم القائم مهلة واسعة ، حيث يضيق عليه بين اليومين لأنه من أيام الله ، فلا دولة فيه للشيطان مهما كانت له بعض السلطة!
وهنالك يتهدد اللعين الرجيم ذرية آدم ، تحددا لمنهجه وطريقه معهم :
(قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. ٨٢ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) ٨٣ وليس استثناء المخلصين تطوعا منه وتراحما ، ولكن عجزا ، فان الله هو الذي أخلصهم : (إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) إذا فالمخلصون في خطر عظيم وأعظم منهم غيرهم ، والمخلصون لا خطر عليهم.
(قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ ٨٤. لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) ٨٥.
__________________
(١) فصلناه في سورة البقرة وغيرها فراجع.