ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) (٣٤ : ٤٦) (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) (٤٠ : ٢٨).
وفي مجيء رجل من أقصى المدينة دلالة أن بلاغ الرسل بلغ من أقصاها إلى أقصاها ، فقد ملئت ببلاغهم المبين لحد يجذب لمناصرتهم رجلا من أقصاها ، مليئا من دعوة الرسالة أقصاها ، متخطيا في مجيئه هذا أقساها قلبا وأدناها.
ولا مهمة في أن نعرف اسمه وشغله ، فليس الأشخاص والأشغال والشخصيات بالتي تخلق الرجولات وإنما هو الإيمان الصارم الصامد أينما حل ، في وسط المدينة أم قصيّها أو أقصاها ، فلا يهمنا أنه حبيب البخار أو الحراث أو القصار أم رجل الغار (١) ، حيث القصص القرآنية هي نخبة تقص عن تاريخ الماضين ، فيها عبرة لأولى الألباب.
__________________
(١) في الدر المنثور ٥ : ٢٦١ ـ عن قتادة قال بلغني انه رجل كان يعبد الله في غار ، وعن عمر بن الحكم قال بلغنا انه كان قصارا ، وعن ابن جريح كان حراثا ، وفي نور الثقلين ٤ : ٣٨٤ ج ٤١ في امالي الصدوق باسناده الى عبد الرحمن بن أبي ليلى رفعه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الصديقون ثلاثة حبيب النجار مؤمن آل ياسين وحزقيل مؤمن آل فرعون وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو أفضلهم.
وفي الدر المنثور ٥ : ٢٦٢ ـ اخرج ابو داود وابو نعيم وابن عساكر عن أبي ليلى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) مثله سواء ، واخرج البخاري في تاريخه عن ابن عباس مثله الا في «أفضلهم» واخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : السبق ثلاثة فالسابق الى موسى يوشع بن نون والسابق الى عيسى صاحب يس والسابق الى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) علي بن أبي طالب.