فرعون هو الضلع الأكبر من ذلك الثالوث ، ويذكر في سائر القرآن (٧٤) مرة ، وهامان ممثله ووزيره (٦) مرات وقارون ابن عم موسى (٤) مرات ، وتجمعهم أجمع هذه وآية العنكبوت (وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ)(٣٩).
ولأن هؤلاء الثلاثة هم المحور الأصيل في السلطة الفرعونية استكبارا واستحمارا واستثمارا ، تتجاوب مع بعض في السلطة التامة على المستضعفين ، لذلك أصبحوا أصول المرسل إليهم من المستكبرين ، كما وبنو إسرائيل هم أصول المرسل إليهم من المستضعفين ، ثم الفروع للأولين «وملئه» وللآخرين سائر المستضعفين في الرسالة الموسوية.
ترى ما هو الفارق هنا بين (بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) وهي مكرورة في هود والمؤمنين (١) وآيات أخرى تخص السلطان (وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٥١ : ٣٨) (وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً) (٤ : ١٥٣) (قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) (٢٨ : ٣٥).
السلطان هو السلطة عقليا أمّا ذا ببرهان ، أم واقعيا ، فهو ـ على أية حال ـ أمر لا يغلب ، بل ويغلب ، فهل هو فقط آية الثعبان إذ كانت امّ الآيات الموسوية ، أفردت بالذكر بعد الآيات أم دونها لأنها هامّتها ، وقد غلبت كل سحر من السحرة مما برهنت لهم أنها آية خارقة إلهية؟
أجل إنها سلطان من هذه الناحية ، ولكن (وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) برهان لا مردّ له أنها ليست
__________________
(١) «وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ» ١١ : ٩٦ «ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ» ٢٣ : ٤٥.