حجر الإيمان تحمله كأقواه إلى الأنسال الآتية ، ولماذا أبناءهم دون بناتهم لأنهن لسن ليحملن الإيمان بعد قتل الأبناء تخوفا ، وفي بقائهن مآرب لهم : (وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ) من الحياة إبقاء لهن خادمات لهم ، ومن الحياء سلبا له منهن متعا جنسية (١)(وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) لمن آمن حتى يرجعوا كفارا ، وللنساء حتى لا يؤمنّ ولا يؤمّنّ رجالهن في إيمانهم ، وقد فعل فرعون هذه الفعلة وكاد هذه الكيدة (وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) تلمح أنه ما نفّذ أمرهم كما أمروا ، أم لم يهدهم إلى مرادهم كما قرروا ، فأصبح كيدهم في ضلال ، وخاب سعيهم على أية حال ، فإنهم (آمَنُوا مَعَهُ) فتحول فرعون إلى استئصال محور الإيمان ومنبعه :
(وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ)(٢٦).
هنا يتفرد فرعون ـ الطاغية : رأس الزاوية ـ برأيه الخاص : (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى) وهو بين من لا يرتإي رأيه كما يلمح من «ذروني» وبين من يرتإيه (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) فقتل الأبناء واستحياء النساء كمتفق عليه حيث (قالُوا اقْتُلُوا) وقتل موسى مختلف فيه «ذروني» و (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) (٢٦ : ٣٦) وذلك قبل إيمان السحرة ، فأحرى بمنعهم بعد إيمانهم حيث الإرجاء هادف تبيّن أمره وقد تبين ، فقويت المعارضة في قتله.
وقد يختلف منعه قبل الحشر وبعده ، فقبل تبيّن أمره لا ينهي قتله مشاكله أو يزيدها ، إذ قد يوحي للجماهير بتقديسه والحماس له برسالته ، وبعده إذ آمن به جماهير ، ويتحذر الآخرون أن يستفحل أمره بقتله وقد
__________________
(١) وعلى الثاني الاستفعال هنا للسلب كما في موارد عدة.