الإله الأصل الذي يصدقه كل المتألهين ، ثم لا يفتري عليه بشركاء ، (يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ) على قوله (بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ) فإن ربه هو ربكم مهما أشركتم به ما لم يشركه هو ، فقوله يوافقكم في أصل الربوبية ، وتوافقه الفطرة وقد جاءكم بالبينات ، فكيف تقتلونه ، وما له من ذنب إلا مقالة حق ثابتة بالبينات!
وما يروى عن الإمام علي (عليه السلام) أن أبا بكر أشجع الناس وأفضل من مؤمن آل فرعون (١) تخالف كتاب الله ، فآية الشراء تفضّل عليا على الإطلاق : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) (٢ : ٢٠٧) وهذه الآية تمدح مؤمن آل فرعون على كتمان إيمانه من قبل تقية وعلى إبرازه هنا تقية معاكسة للحفاظ على أهمّ من نفسه.
__________________
(١) «الدر المنثور ٥ : ٣٥٠ ـ اخرج البزاز وابو نعيم في فضائل الصحابة عن علي (عليه السلام) قال : ايها الناس اخبروني بأشجع الناس قالوا أنت؟ قال : لا قالوا : فمن؟ قال ابو بكر ، لقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخذته قريش هذا يحثه وهذا يبلبله وهم يقولون أنت الذي جعلت الآلهة إلها واحدا قال فو الله ما دنا منا أحد الا ابو بكر يضرب هذا ويجاهد هذا وهو يقول ويلكم أتقتلون رجلا ان يقول ربي الله ثم رفع علي (عليه السلام) بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلت لحيته ثم قال أنشدكم بالله أمؤمن آل فرعون خير ام ابو بكر خير من مؤمن آل فرعون ذاك رجل يكتم إيمانه وهذا رجل أعلن ايمانه».
أقول : لا تخفى المواقف البطولية الأفضل والأحرج من هذا بكثير لعلي (عليه السلام) ثم لعبد المطلب وأبي طالب وغيرهم في مناصرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآية الشراء تكفي تكذيبا لهذه الرواية ، وكفاها كذبا ذيلها «وهذا رجل أعلن إيمانه» أفمؤمن آل فرعون لم يعلن إيمانه حين قال (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) فليكن مثل أبي بكر ، بل أفضل منه حيث الفرعنة الجبارة في عهده اخطر من المشركين زمن الرسول ، ثم (يَكْتُمُ إِيمانَهُ) كان تقية منه قبل هذا الموقف وكانت لزاما عليه حفاظا على نفسه ، فلما انعكست التقية أبرز إيمانه مناصرا لموسى في موقف أحرج من موقف أبي بكر إن صدق حديثه!