ثم وعلى أسوء الاحتمالات ـ لو شككتم في أمره رغم بيناته ـ (وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ) فقط (كَذِبُهُ) لا وعليكم (وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ) لأقل تقدير (بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ).
أترى مدعي النبوة يجب أو يجوز تصديقه ولا يصلح قتله أو تكذيبه لأنه (إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ) والكذب في هذه الدعوة ينال المصدقين ويضلّهم عن السبيل أكثر من الداعية ، بل وله حظوته من الرئاسة الباطلة ، وعليهم شقوتهم تحت نير الضلالة ، ثم وعلى هذا الأساس لا يجوز تكذيب مدعي الرسالة حين لم يثبت صدقه ولا كذبه؟
كلا! حيث المورد هنا قطعي الصدق بيناته (وَإِنْ يَكُ كاذِباً) تنازل في احتمال في فرض المحال ، فالكذب هنا ليس في دعوى النبوة ، بل هو في توحيد الإله وأهوال القيامة ، فإن يكن الداعية كاذبا في أنباء من النبوة وهو صادق في نبوته ببيناته ، فكان لله شريك ، ولم يكن هنالك حساب يوم القيامة ، فلا يضركم بقاءه في دعواه ، ولا تصديقه ، فإنما هو لا سواه يحمل عبء كذبه ، فلا عليكم قتله فإنّ (فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ) حيث يفضحه ربه : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) (٦٩ : ٤٦)! وموردها محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ثبوت نبوته.
(وَإِنْ يَكُ صادِقاً) حيث يجوز ـ لأقل تقدير ـ صدقه ، تنازلا عن واجب صدقه (يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) في الأولى والآخرة ، فطريقة الاحتياط ـ إذا ـ ألّا يقتل ولا يكذّب فإنّ في تصديقه نفعا بلا ضرر إلّا عليه (إِنْ يَكُ كاذِباً)!
وبهذه الحجة الباهرة يحتج الإمام الرضا (عليه السلام) على الزنديق الناكر للحساب ، إذا لم يكن حساب فنحن وإياكم شرع سواء ، لم يضرنا